للتاريخ، نقولها للإخوة السوريين الشرفاء الأحرار لا المتسوّلين أو العملاء أو الموالين أو الخبثاء، هناك
حقائق لا ترحم:
لقد نجحَ بشار الأسد في اختراق صفوف المعارضة الضعيفة والهزيلة المشروع، وتحوّلت الى معارضات تابعة لقوى خارج حدود سوريا لا تقوى على التوحّد، ومنها معارضات “تطيّفت ” وتمذهبت وتأدلجت بعكس مصلحة مستقبل سوريا وبما يتماشى ومصلحة النظام …
تفتّتٌ وتشتّتٌ وأزمة ثقة بين معارضي النظام السوري
الثوار السوريون باتوا تجاه بعضهم البعض يعانون من أزمة ثقة بين بعضهم … وتفتّت وتشتّت … وأزمة مصداقية، فخِيَمُ المهجّرين شمال سوريا تُأجر بمئتي دولار للاجىء خصوصاً المهجّرين من حمص وحلب، فيما أمراء حرب المعارضة السورية يتقاتلون ويتصارعون على “جيفة” ميتة موجودة شمال سوريا للاستفادة من بعض المال والخوّات، وقد بلغت حال تلك المعارضة درجات متقدّمة من الانهيار والوضع المزري في مناطقها، فالمعارضة السورية التي سقطت مصداقيتها منذ اجتماعات أستانا سلّمت 70% من مناطقها التي كان قد حرّرها الثوار السوريون بدعم أميركي- أوروبي- خليجي الى تركيا التي عادت وسلّمتها الى الأسد، وقد بقي فقط شمال الأنفور بمساحة 15 كلم، حيث ليس أمام المعارضة سوى التصالح مع النظام.
إتفاقٌ ثلاثي لتحييد المعارضة السورية لصالح نظام الأسد
وزير الخارجية التركي حقان فيدان أعلن اتفاق تركيا مع إيران والأسد وروسيا على “تحييد المعارضة ورؤوسها الرافضة” للمصالحة مع النظام، متعهّداً بمنع أي صدام أو أي عملية أو تصعيد حتى كلامي تقوم به المعارضة تُجاه النظام السوري … إذ يبدو أن
تركيا قد تخلّت عن المعارضة لأنها لم تجد فيها قوى منظّمة وصاحبة قرار، وقد استزلمتها واستخدمتها، وعندما برزَ المشروع الوطني السوري الديمقراطي في شرق الفرات الذي لا يخدمُ البعث والنظام ولا الإسلام السياسي، قرّرت أنقرة الاتفاق مع إيران والأسد لقاء الإشارة في بعض المواقع السياسية الى قطع الطريق أمام مشروع شرقي الفرات الذي يدعو الى قيام سوريا سيّدة ديمقراطية وموحّدة، ورحيل نظام الأسد وتنفيذ القرار الأممي 2254، وتوزيع الثروات بشكل عادل، وطرد إيران وروسيا، وبناء دولة سورية ديمقراطية تعترفُ بكل المكوّنات السورية في الدستور، وبناء دولة المواطنة.
المعارضة السورية بين الخيار الصعب والأصعب
سقط اذاً مشروع المعارضة سقوطاً سياسياً معيباً … وباتت أمام خيارٍ صعبٍ بين العودة الى دعم النظام بتوجيهٍ تركي أو البقاء تائهةً ضائعةً بلا رصيدٍ سياسي إنقاذي وبلا مشروعٍ موحّد، وها هي تزول مع الوقت مهما علا صوت رموزها وكثُرت أكاذيبهم ومواقفهم الهوائية ووعودهم الفارغة من أي مضمون …وللموالين للأسد ونظامه نقول:
“مَن يغارُ على سوريا ومصلحتها من موالين للأسد ومعارضين منصة استانا لا يبيعون الموانئ السورية لإيران وروسيا،
مَن يغارُ على سوريا لا يبيع مطاراتها واتصالاتها وبُناها التحتية لروسيا على١٠٠ سنة… مَن يغارُ على سوريا لا يزجّ بأربعمائة ألف من أبناء الطائفة العلوية في أتون صراعٍ مع أبناء البلد الواحد، ويفتحُ البلد أمام شذّاذ الآفاق المتطرّفين من كل حدبٍ وصوبٍ … ويحوّلُ سوريا الى ساحة صراعٍ إقليمي ودولي مدمِّر للبلاد والعباد من أجل السلطة والبقاء فيها.
سوريا تحتاج لمئتي عام لاستيفاء ديونها المستحقِة لروسيا وإيران
سوريا اليوم فقدت ثرواتها لصالح الأجنبي المحتلّ، فالجيش تدمَّر … ومعه تدمّرت العلاقة بين المواطنين أنفسهم، وهُجِّر نصفُ الشعب السوري، وفقدت سوريا طاقاتها وعلماءها وبُناها التحتية، فباتت مُدينَةً لإيران وروسيا بديونٍ تستوجب 200 عام لإيفائها … مع تكلفة تُقَدّ ب
1500 مليار دولار كفاتورة إعادة إعمار سوريا، فيما مجموع الديون التي رتّبها الأسد على بلاده للإيراني والروسي بلغَ 700 مليار دولار بين عقودٍ وسنداتٍ وأصول دولة … فأين المعارضة؟! وماذا فعلت إزاء كل هذه الإرتكابات الأسدية بحق السوريين ودولتهم وثرواتهم؟!
الأجنبي باع المعارضة الى النظام السوري تلبيةً لمصالحه
الإيراني لن يخرج بسهولة من سوريا، وهو يعرفُ أن الأسد بدأ يتعاون مع وسطاء إماراتيين وإسرائيليين لإعطاء إحداثياتٍ وأهداف إيرانية … في مقابل بقاء الأسد في السلطة وعدم استجلاب المزيد من النقمات عليه … فالإيراني لا يخرجُ إلا بعملٍ عسكري، ومهما فعلَ الأسد للعبِ على الحبلَين طالما لم يطلب رسمياً خروج إيران (وهو بالتأكيد غير قادر) فإن الاعيبه مكشوفة.
لقد تمّت تصفيةُ كل معارضٍ شريف اغتيالاً أو بتشويه سمعته أو باغتياله إعلامياً …ولم يبقَ إلا المعارضة المصلحية التائهة التي ستجدُ نفسها قريباً جداً مواليةً للأسد بفعل فشلها ومحدودية تبصّرها وارتهانها للأجنبي الذي عاد وباعها الى النظام تلبيةً لمصالحه …
استئثار روسيا بالمقدّرات الكبيرة لسوريا
روسيا التي لم ترسل للسوريين لا قمحاً ولا “ديزل” قبل العقوبات الدولية عليها نتيجة غزوها لأوكرانيا، هي نفسها اليوم استأثرت بعقود إعادة إعمار سوريا كاملةً، فيما استولت على قرار سوريا السياسي، فضلاً عن استئثارها بالبُنى التحتية السورية والتنقيب عن النفط في البحر المتوسط، ناهيك عن استثمار الفوسفات والسليكون والألماس الأسود بحيث لم تترك روسيا للدولة السورية مصدر إيرادات أو ثروات وذلك بالتقاسم مع الإيراني، من هنا يُمكن فهم سبب تأخّر رحيل بشار الأسد ونظامه لأن كلاً من إيران وروسيا بحاجة لبقائه، لأن رحيله يُسقِط كل الاتفاقيات والثروات والمرافق التي باعها لهما … فيخسران 700 مليار دولار، فضلاً عن التريليون ونصف تريليون دولار لإعادة الإعمار …
حصةُ إيران من ” الكعكة” السورية والتغيير الديمغرافي في بلاد الشام
الإيراني من جهته، وفضلاً عن استئثاره بنصيبه من ” الكعكة ” السورية يقوم بأوسع عمليات تشييع في دير الزور والبوكمال وحمص، فيما دمشق باتت مكتظة بجاليات شيعية مستورَدة من أفغانستان والعراق وإيران بشكلٍ أحدثَ تغييراً ديمغرافياً هائلاً يزيد من تعقيد الملف السوري وانغماسه في حالة فوضى لا تكفيه 200 عام للخروج منها، فيما مناطق سيطرة النظام تغوصُ أكثر فأكثر في الفساد والضيق الاقتصادي والجرائم الاجتماعية والانهيار الإنساني، ما يطرحُ السؤال:
سوريا الى أين؟
بين نظامٍ مجرمٍ وفاشلٍ ومُتاجرٍ ببلده وثرواته … ومعارضة فاشلة ساقطة منقسمة ضعيفة وموالية لأيديولوجيات وسياسات خارجية … سوريا في مهب الرياح، فعسى أن يأتيها الإنقاذ من شرقي فراتها … المنطقة السيادية الوحيدة التي حطّمت أي تمدّدٍ أو توغّلٍ للنفوذ الإيراني والروسي والأسدي …