جددت دولة الإمارات موقفها الثابت من القضية الفلسطينية برفض أي محاولات إسرائيلية لضم أراضٍ في الضفة الغربية أو أي جزء من الأراضي الفلسطينية. وأكّد المستشار الديبلوماسي لرئيس الدولة، أنور قرقاش، أن "الضم" يمثل خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه، في رسالة تحمل مزيجًا من الحزم والواقعية السياسية. وتأتي هذه التصريحات لتؤكد رؤية إماراتية مستقرة تقوم على دعم إقامة دولة فلسطينية تملك مقومات الحياة، في إطار يضمن الأمن لإسرائيل أيضًا، كجزء من معادلة التوازن التي تسعى أبوظبي إلى ترسيخها في المنطقة.
وأوضح الباحث السياسي محمد خلفان الصوافي أن موقف الإمارات ليس طارئًا أو ظرفيًا، بل يعكس نهجًا ثابتًا منذ سنوات.
أضاف: "الإمارات كانت قد رفضت سابقًا ضم أراضٍ في الضفة الغربية، وهي اليوم تؤكد المبدأ ذاته فيما يخص أي أراضٍ فلسطينية أخرى، بما في ذلك غزة". وأكد أن الإمارات ثابتة في مواقفها وداعية حقيقية للسلام في المنطقة، على أساس أن الحق الفلسطيني يتمثل في قيام دولة مستقلة كاملة السيادة، مشددًا على أن التراجع عن هذا المسار أو محاولة الالتفاف عليه سيقوض التفاهمات الدولية القائمة حول التسوية السياسية ويهدد ركائز الاستقرار الإقليمي.
وأشار الصوافي إلى أن عبارة "الخط الأحمر" التي استخدمها قرقاش تعكس إدراكًا إماراتيًا عميقًا لحساسية المرحلة، مؤكّدًا أن أي خطوات إسرائيلية تمس مسار إقامة الدولة الفلسطينية قد تؤدي إلى انهيار كل التفاهمات القائمة على المستوى الدولي. واعتبر أن التحذير الإماراتي موجّه مباشرة إلى حكومة بنيامين نتنياهو، التي تتبنى مواقف متطرفة مقارنة بالإدارات السابقة، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى استقرار المنطقة.
ويرى الصوافي أن لدى دولة الإمارات خيارات عديدة إذا مضت إسرائيل في تنفيذ مشاريع الضم، مؤكدًا أن "قطع العلاقات" هو الخيار الأخير، لكن هناك أدوات متعددة تمتلكها أبوظبي للتأثير في الموقف الإسرائيلي، تشمل علاقاتها الواسعة إقليميًا ودوليًا، وثقلها في المنظمات الدولية. وأوضح أن اللقاء الذي جمع الشيخ عبدالله بن زايد برئيس الوزراء الإسرائيلي في قمة الأمم المتحدة الأخيرة لم يكن مجرد مصافحة بروتوكولية، بل رسالة إماراتية مفادها أن لدى الإمارات أوراق ضغط متعددة يمكن أن تؤثر على إسرائيل. وأشار إلى أن التعاون الاقتصادي والاستثماري يمثل إحدى الأوراق القادرة على إحداث فارق، إذ يمكن للإمارات تعديل مستوى هذا التعاون أو تجميده بما يتناسب مع سلوك الحكومة الإسرائيلية.
ولفتت الصوافي إلى أن الموقف الإماراتي لا يقف بمعزل عن التحركات الأميركية المتواصلة في المنطقة، خصوصًا بعد مشاركة الرئيس دونالد ترامب في قمة شرم الشيخ الأخيرة وحضور نائبه والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف إلى المنطقة.
وشدد على أنّ الولايات المتحدة تريد وقف هذا الملف والبحث عن حل، وحكومة نتنياهو تدرك حجم الضغوط الدولية المتزايدة عليها، خاصة من واشنطن، مؤكدًا أن المجتمع الدولي لديه نية حقيقية للضغط على الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي تحتاج إلى مزيد من الضغط لتعديل مواقفها.