خلفيات غياب بشار الأسد عن قمة المُناخ في الإمارات

1699203618541954660

تنعقد اليوم الخميس في دولة الإمارات قمة "كوب ٢٨" أو ما يُعرف بقمة المُناخ، وقد وجّهت الدعوات لجميع رؤساء وملوك وأمراء الأرض للمشاركة في هذا الحدث الكوني كما جرت العادة في القمم السبع والعشرين السابقة.

الأسد والتواطؤ بجرائم ضد الإنسانية

رئيس النظام السوري بشار الأسد لن يشارك، وسيتمثّل بشخص رئيس وزرائه حسين عرنوس على رأس وفد وزاري.
الرئيس السوري مستهدفٌ بمذكرة اعتقال دولية صادرة في حقه بتهمة التواطؤ بجرائم ضد الإنسانية، وهو يسعى من خلال مشاركة نظامه في القمة الى جذب الأموال لهذا النظام بعدما تقطّعت به السبل، فضاعفَ من إنتاج وتصدير الكبتاغون كمصدر تمويل وحيد له ولجماعة نظامه.

مسبّبات موضوعية لغياب الأسد عن قمة المُناخ

ما هو أبعد من كل هذا، هو أن غياب الأسد له مسبّباته الموضوعية وفق الآتي :

  • أولاً : ما حصل في غزة قطع الطريق أمام حضوره باعتبار أن هذا الحضور لو تمّ لاعتُبر إنجازاً إيرانياً سببه ما حققته "حماس" الموالية لإيران في غزة، فيما دولة الإمارات أبعد ما تكون عن إعطاء أي رصيد سياسي لإيران بعد الذي حصل في قطاع غزة وتداعيات الحرب فيها .

ثانياً: احتكار واشنطن في هذه المرحلة للملف السوري وتولّيها ضبط إيقاعه على كافة الصعد من خلال استخدامها كل أدوات العمل لتبقى متحكّمة لوحدها بمصادر التمويل والدعم وآليات الإحجام عنها بحسب مصالحها، وبالتالي لا تريد من أحد أن يبادر بنفسه ويفتح مجالات دعم وتمويل أو يغلقها بما يفضي الى إفقادها هذا التحكّم الكامل بمفاصل الملف.

  • ثالثاً : عندما دُعي بشار الأسد الى القمة العربية في الرياض حصل نقاش بين بعض زعماء دول عربية كانت أجواءه تفاؤلية حول استعداد الأسد للتعامل سياسياً وأمنياً مع الطرف العربي، ومن بينها المخدِّرات والجريمة المنظّمة وتحجيم دور القوات الأجنبية في سوريا .
    بشار الأسد كان قد وافق على التعاون، واضعاً شرطاً على العرب بالتوقف عن دعم المعارضة، فالتزمت الدول العربية بذلك بالكامل انطلاقاً من مبدأ "خطوة بخطوة" الشهير. أما الأسد فلم يقدّم في المقابل أي مبادرة، ما أدى الى إحراج دولة الإمارات التي كانت تقود حملة التفاؤل بتجاوب الأسد مع مطالب المجموعة العربية، فبلغت الخيبة الإماراتية من الأسد حدّ صدور مواقف علنية منتقدة إياه ونظامه لأول مرة بعدما شعر الإمارتيون أن الأسد تعامل معهم بخفة وفوقية .
  • رابعاً: الإمارات انطلقت في سياستها مع نظام الأسد من ظروف إقليمية عربية أرست لها بيئة سياسية مناسِبة للتعاطي مع الأسد والملف السوري، فمصر في حالة ضعفها الاقتصادي والمالي منهمكة بهمومها الداخلية، والمملكة العربية السعودية منكفئة في سياساتها الخارجية مع التركيز على ملفاتها الداخلية وخططها الوطنية الاقتصادية بما جعلها غير راغبة في أي عمل خارجي .
    من هنا فإن الإمارات اعتبرت أنها خير مَن يمكن أن يملأ هذا الفراغ العربي، ما فرض على أبو ظبي التزامات جديدة ليس أقلها وقوفها على مسافة متساوية بين المعارضة والموالاة في سوريا وقريبة لتركيا كما لمصر .

الطموح الإماراتي والقوة الناعمة

الطموح الإماراتي تقاطعَ مع منافستها دولة قطر في "القوة الناعمة" وجعل أبو ظبي تنفتح على كافة القوى والدول الإقليمية بسياسة منفتحة ومتصاعدة على مراحل،
ولذا باتت أبو ظبي متباطئة في خطوات تطبيعها مع بشار الأسد ونظامه منعاً للوقوع في نفس خطأ الأردن حين تورّط مع نظام الأسد من دون قبض أي ثمنٍ لذلك .

لهذه الأسباب لن يحصل الأسد على أي درهم إماراتي

المليار دولار التي كانت الإمارات قد تعهّدت بإرسالها الى بشار الأسد في عزّ حملة الانفتاح عليه لا تبدو بدورها قد وصلت الى جيوب الأسد ونظامه، وهي لا تزال في مصارف الإمارات، وما تحتاجه اليوم أبو ظبي من بشار الأسد واضح : تحديد الأسد موقفه من مشروع الأخوان المسلمين والإسلام السياسي وموقف الأسد من التنوّع الديني في سوريا في ظل رؤية وتمويل الإمارات لبعض المشاريع العائدة لمذاهب وطوائف غير علوية كالمسيحيين والصوفيين وسواهم .
ولهذه الأسباب، فإن الأسد لن يحصل على أي درهمٍ إماراتي، لا في قمة المُناخ ولا في أي منتدى أو اجتماع أو مناسبة أو قمة، وما تمثيل النظام السوري بوفد وزاري إلا دلالة قاطعة على غياب أي مساعدة مالية أو دعم مالي أو تمويل للنظام.
أبو ظبي انتقلت من مرحلة الوثوق ولو الحذِر ببشار الأسد الى مرحلة انعدام الثقة به كلياً، وهذا ما يترجمه غيابه عن قمة كوب ٢٨ .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: