زيارة رسولية لتركيا.. البابا يعزّز الرجاء وسط تحدّيات العصر

POPE Image 2025-11-28 at 09.01.30_f3f4775e

شدّد قداسة البابا لاوون الرابع عشر على أنّ الكنيسة في تركيا مدعوّة إلى الرجاء وفق ما وصفه بـ"منطق الصِغَر"، وذلك خلال لقائه الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والأشخاص المكرَّسين والعاملين الراعويين في إسطنبول، في اليوم الثاني من زيارته الرسولية إلى تركيا ولبنان.

ففي كاتدرائية الروح القدس الكاثوليكية في إسطنبول، استهلّ البابا يومه الثاني بالتوقّف عند الجذور العميقة للمسيحية في هذه الأرض، مذكّرًا بأنّه من هنا انطلق إبراهيم في طاعةٍ لدعوة الله، وهنا دُعي التلاميذ أولًا "مسيحيين"، وهنا أسهم آباء الكنيسة الأوائل في ترسيخ أسس الإيمان.

وأكّد أنّ هذا الإرث ليس "ذكرى تُستعاد فحسب"، بل دعوة متجدّدة إلى رؤية ورسالة حيّة اليوم.

وتناول الحبر الأعظم ما أسماه "طريق الصِغَر"، مشيرًا إلى أنّ رسالة الكنيسة لا تُقاس بالأعداد أو النفوذ، بل بالثقة بوعد الرب، مذكّرًا الحاضرين بأنّ "أباكم سُرَّ أن يُعطيكم الملكوت". ومن هذا المنطلق، دعا الجماعة الكاثوليكية الصغيرة في تركيا إلى النظر إلى المستقبل بثقة لا بروح الاستسلام، والاستمرار في الشهادة للإنجيل "بفرحٍ وثباتٍ ورجاء". ولفت إلى علامات الحياة في الكنيسة، ومنها تزايد عدد الشبّان الذين يقرعون بابها حاملين أسئلة عن الإيمان.

وفي معرض حديثه عن أولويات الرسالة، حدّد البابا ثلاثة مجالات أساسية لالتزام الكنيسة: الحوار المسكوني والحوار بين الأديان، نقل الإيمان إلى أبناء هذا البلد، والخدمة الراعوية للاجئين والمهاجرين. وأشار إلى أنّ عددًا كبيرًا من العاملين الراعويين آتون من بلدان أخرى، ما يستدعي "جهدًا خاصًا على صعيد التثقيف والتجذّر في البيئة"، بحيث يُقدَّم الإنجيل بلغةٍ وأشكال تعبّر بصدق عن ثقافة تركيا وواقعها. كما وصف الحضور الكبير للمهاجرين واللاجئين بأنّه في آنٍ معًا تحدٍّ وفرصة، داعيًا الكنيسة إلى الاستمرار في استقبالهم ومرافقتهم كـ"بعضٍ من أكثر الفئات هشاشةً" في المجتمع.

وفي سياق إحياء الذكرى الـ1700 لانعقاد مجمع نيقية الأول، تطرّق البابا إلى ثلاثة تحدّيات لا تزال مطروحة أمام الكنيسة اليوم. فشدّد أوّلًا على ضرورة "القبض على جوهر الإيمان"، مذكّرًا بأنّ قانون الإيمان لا يزال "بوصلة" للوحدة ولتمييز المسار الصحيح. ثانيًا، حذّر من ما سمّاه "أريوسيّة جديدة"، يُعجَب فيها الكثيرون بيسوع كشخصية تاريخية، من دون الاعتراف به كابن الله الحيّ. وثالثًا، توقّف عند تطوّر العقيدة، مذكّرًا بأنّ المجامع الأولى أظهرت نموًّا عضويًّا للفهم اللاهوتي، وأنّ العقيدة، وإن كانت متجذّرة في حقائق لا تتبدّل، إلا أنّ أسلوب التعبير عنها يتطوّر مع تعمّق الفهم والإدراك.

وفي ختام كلمته، استعاد البابا سيرة البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين، الذي خدم لسنوات في تركيا، مشيرًا إلى محبّته العميقة لهذا البلد وإلى أمانته الهادئة في عيش رسالته. وأعرب عن أمله في أن يواصل العاملون الراعويون اليوم المسيرة بالروح نفسها، محافظين على "فرح الإيمان" وخدمة الكنيسة والإنسان بشجاعة وتجديد في الرسالة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: