صرح وزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف بأن روسيا "لم تقدم أي دعم لإيران"، وأن سياستها تجاه طهران ترتكز على "محورين ثابتين": الأول هو منع إيران من بناء علاقات مستقرة وسلمية مع الغرب، والثاني هو منعها من الدخول في مواجهة مباشرة معه.
جاءت تصريحات ظريف في مقابلة نشرتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، صباح اليوم الجمعة، رداً مباشراً على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن آلية "الاسترجاع التلقائي للعقوبات" المعروفة بـ"آلية الزناد"
اتهم ظريف لافروف بتقديم "رواية مشوهة وغير دقيقة"، مضيفاً أن "لافروف يحرف الحقيقة عندما يدعي أن هذا البند تم الاتفاق عليه مباشرة بيني وبين جون كيري".
وأوضح ظريف أن "المقترح الأصلي صدر عن روسيا وفرنسا، لكن إيران رفضته لأنه كان "فخاً قانونياً" يهدف إلى تحويل الاتفاق النووي إلى تفاهم مؤقت وغير مستقر".
أضاف: "روسيا لم تكن تسعى لنجاح الاتفاق النووي، لأنها رأت أن نجاحه سيؤدي إلى عودة إيران لعلاقات طبيعية مع المجتمع الدولي، وهو ما يتعارض مع مصالحها".
واعتبر ظريف أن "الدور الروسي في المفاوضات يمثل مزيجاً من التعاون الظاهري والعرقلة السرية"، مشيراً إلى أن موسكو مارست في المراحل النهائية "ضغوطاً سياسية بلهجة متعالية لمنع التوصل إلى اتفاق"، لكن "تم إبرام الاتفاق في الليلة نفسها رغم معارضة الروس"، على حد قوله.
وأوضح الوزير الأسبق أن موسكو "اقترحت في مراحل سابقة تعليقاً مؤقتاً لقرارات مجلس الأمن بهدف الإبقاء على الوضع بين إيران والغرب في حالة لا حرب ولا سلام"، مؤكداً أن هذا التوجه "يخدم مصالح روسيا التي لا ترغب في استقرار كامل في علاقات طهران الدولية".
وأشار ظريف إلى أن "دعم موسكو لما وصفها بـ"اتفاقات مؤقتة وهشة مثل اتفاق جنيف" يندرج ضمن هذا السياق.
وأفادت وكالة "إرنا" أن ظريف انتقد أيضاً محاولات روسية سابقة للحد من القدرات النووية الإيرانية عبر اقتراح تزويد محطة بوشهر بالوقود الروسي بشكل دائم، وهو ما كان من شأنه "حرمان إيران من حقها في التخصيب الذاتي"، وفقاً لما نقله التقرير.
وأشار ظريف إلى أن "هذا الاقتراح كان يهدف إلى إبقاء إيران في حالة تبعية فنية وسياسية لموسكو".
وفي استعراضه لمواقف روسيا داخل مجلس الأمن، أفاد ظريف بأن "روسيا لم تصوت ضد أي من قرارات الفصل السابع المفروضة على إيران قبل عام 2013".
أضاف: "الفترة الوحيدة التي دعمت فيها موسكو وبكين الموقف الإيراني بشكل كامل كانت خلال فترة توليه وزارة الخارجية".
وأشار أيضاً إلى أن "موسكو استخدمت في السابق وضع إيران تحت الفصل السابع كذريعة لعرقلة انضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون".
اتهم ظريف روسيا بأنها اتخذت خلال المفاوضات مواقف تحافظ على حق النقض (الفيتو) أكثر من دفاعها عن مصالح إيران، قائلاً: سلوك موسكو يعكس حرصها على حماية أدواتها الدبلوماسية في مجلس الأمن بدلاً من مساعدة إيران.
وأوضح أن الوثائق المنشورة في كتابه "السر المختوم" تظهر أن روسيا كانت تخشى أن يؤدي نجاح الاتفاق النووي إلى تقييد نفوذها داخل مجلس الأمن.
في تلميح إلى قضايا أمنية لاحقة، أوضح ظريف أن "تصرف روسيا بعد الاتفاق النووي كشف أنها لا تلتزم بالسرية في العلاقات الاستراتيجية"، مشيراً إلى "تسريبها خبر زيارة قاسم سليماني السرية إلى موسكو عام 2015، وكذلك كشفها عن استخدام طائرات مسيّرة إيرانية في الحرب الأوكرانية".
أضاف: هذه السلوكيات "تؤكد أن موسكو لا تتخذ قراراتها بناء على مصالح إيران، بل وفق حسابات مصالحها الخاصة".
اختتم ظريف بالقول: روسيا "دولة مهمة وجارة لإيران"، لكنه شدد على أن سياساتها الإقليمية "تهدف دائماً إلى إبقاء طهران في حالة اعتماد عليها ومنعها من بناء علاقات طبيعية مع العالم"، معتبراً أن "هذا هو جوهر الخط الأحمر الروسي في التعامل مع إيران".
ولم يصدر حتى الآن أي رد رسمي من وزارة الخارجية الروسية أو السفير الروسي في طهران على هذه التصريحات.
في المقابل، اكتفت وسائل إعلام روسية قريبة من الكرملين بالتأكيد على أن "العلاقات بين البلدين قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".