هل يُعزل الرئيس جو بايدن ؟

بايدن

افتتح مجلس النواب الأميركي ذات الغالبية الجمهورية ولايته بوضع يده على ملف فضائحي يشبه، إن لم يتجاوزه، ملف فضيحة الوثائق السرية التي ضُبطت في منزل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من حيث خطورته،
فقضية العثور على بعض الوثائق المصنّفة على أنها سرية، والتي تتعلّق بالفترة التي كان يشغل فيها جو بايدن منصب نائب الرئيس الأميركي تتفاعل في واشنطن وفي أوساط الجمهوريين بشكل خطير ومركّز، وقد عيّن وزير العدل الأميركي مدعياً خاصاً للتحقيق في القضية، وقد عُثر على تلك الوثائق السرية في مكتب تابع للرئيس عندما كان يشغل منصب نائب للرئيس باراك أوباما.

الوضع السائد حالياً حول هذه القضية خطير للغاية بالنسبة للرئيس جو بايدن، حيث يمكن أن يكون قد ارتكب جريمةً معاقباً عليها بموجب قانون السجّلات الرئاسية وقانون التجسّس إذا كان قد تصرّف بتلك الوثائق بإهمال خطير .

تم العثور على الدفعة الأولى من المواد السرية في خزانة مقفلة في مركز أبحاث بواشنطن، حيث كان الرئيس بايدن يحتفظ بمكتب خاص وقد توقّف عن استخدام هذا المكتب عندما أطلق حملته الرئاسية في أبريل/ نيسان من العام 2021، وتلك الوثائق كانت لا تزال موجودة رغم انقضاء مدة ثلاث سنوات ونيف، حيث تم العثور عليها في الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

هذه القضية، وفضلاً عن كونها ضربة مدمّرة لبايدن، فهي بلا أدنى شك تعطي الرئيس دونالد ترامب دفعاً قوياً لخوض حملته الانتخابية في انتخابات الرئاسة لعام 2024 في مواجهة الرئيس بايدن إن قرّر الترشّح لولاية ثانية كما كان قد صرّح،
فهذه الفضيحة تُفشل مخطط الرئيس بايدن الذي كان متوقّعاً لمهاجمة خصمه ترامب، حيث تساوى معه في نفس نوع الجريمة و الناخبين الذين لا يستطيعون الوثوق بترامب بشأن تعامله مع أسرار الأمة لن يكون بمقدورهم الوثوق بجو بايدن أيضاً رغم دفاع بايدن عن نفسه بأنه لم يكن يعلم بوجود هذه الوثائق.

وفي جولة معمّقة على تداعيات هذه الفضيحة التي تصيب الرئيس بايدن في الصميم، وعلى الرغم من خطورة الاتهامات الموجّهة إليه، الا أنه يمكن القول إنها لن تفضي في حال محاسبة الرئيس الأميركي جو بايدن عليها إلى عزله من منصبه، بل ستتحوّل الى عائق كبير أمام رغبته في الترشّح للانتخابات الرئاسية 2024.

النواب الجمهوريون داخل الكونغرس من جهتهم يبذلون المساعي للتوصّل الى عزل بايدن في ضوء 7 اتهامات موجهه إليه، يُفترض أن يبدأ التحقيق فيها خلال الأيام القليلة المقبلة، وهي تتعلق بفترة رئاسته الحالية وعمله السابق في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، فيما المعلوم أن مسألة عزل بايدن تتطلب ثبوت الاتهامات، وخاصة المتعلّقة بالوثائق السرية التي عُثر عليها في منزله ومكاتب خاصة به، وهو أمر سيستغرق وقتاً طويلاً بين تقصٍّ وتحقيقات ومحاكمة.

واللافت في هذا السياق أن مَن أعلن عن تلك الوثائق السرية كان البيت الأبيض نفسه، والذي أماط اللثام عن اكتشاف وثائق سرية في مكاتب كان يستخدمها الرئيس بايدن عندما كان نائباً لأوباما، وكذلك في منزله في ديلاوير وفي مركز بحوث في واشنطن، ما أضاف اتهاماً جديداً له ضمن جملة اتهامات تتعلّق بالفساد وسوء الإدارة.

والمعلوم أن ثمة قانون في الولايات المتحدة الأميركية للعام 1978 يٌلزِم كل الرؤساء الأميركيين ونوابهم بإحالة كل الرسائل ووثائق العمل إلى الأرشيف الوطني بعد ترك منصبهم.
والجدير ملاحظته أن التحقيق في قضية الوثائق يستغرق وقتاً طويلً لأسباب عدة أهمها اعتماد وزارة العدل آلية قد تؤخر نتائج التحقيق لأطول فترة، إذ اصطُلح على أن يقوم وزير العدل بتعيين مستشار خاص للتحقيق في القضية، هو روبرت هار.

هذا الإجراء يعني أن التحقيقات ستجري بشكل مستقل بعيداً عن المحكمة العليا والكونغرس، وبالتالي تأخير عرضها على مجلس النواب، وبذلك يأتي تعيين مستشار خاص لصالح بايدن، لأن هذه الآلية من شأنها إطالة أمد القضية حتى بلوغ سنة 2024 التي ستشهد انتخابات الرئاسة، فضلاً عن أن تلك الآلية تضع حاجزاً أمام الكونغرس الذي سيحاول إجراء التحقيقات من خلال لجانه بطلب الشهود وجلسات الاستماع.

وبحسب القانون المذكور، فإن تبرئة بايدن تستوجب إثبات أنه وضع الوثائق في مكتبه عن "غير قصد" لأن القانون يُدين المسؤول إذا كان لديه "النية والقصد" لتسريب المعلومات، وهذه الإدانة بعيدة عن التحقّق لأن بايدن أعلن التعاون مع التحقيق، وبإطالة أمد التحقيقات يُرجأ تأجيل قرار العزل الذي يعمل الجمهوريون على استصداره من الكونغرس إن ثبُتت الجريمة في حق الرئيس بايدن.

الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب، وله الغالبية في مجلس النواب، بالمرصاد راهناً ضد الرئيس جو بايدن، وسيتحرّك للملمة الاتهامات كافة الموجّهة لبايدن ومحاسبته عليها بغرض عزله لخطورة بعضها بالفعل، ومساسها بالأمن القومي.

والمعلوم أيضاً إنه، الى جانب قضية الوثائق السرية، يواجه بايدن ونجله منذ فترة اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ، ومن المفترض أن تتولّى لجنة الرقابة والمساءلة برئاسة النائب الجمهوري جيمس كومر التحقيق في الأنشطة المالية والتجارية لعائلة بايدن، وقد أعرب نواب جمهوريون في الكونغرس نهاية الأسبوع الفائت اعتزامهم بدء تحقيق عاجل مع بايدن في قضية الوثائق،
فالمعركة بين الجمهوريين والبيت الأبيض بدأت عبر مجلس النواب وسوف تقوم لجان عدة في هذا المجلس بالتحقيق في قضايا واتهامات أخرى موجّهة لبايدن لمحاصرته والتضييق على فرص ترشّحه لانتخابات 2024، ومنها اتهامات بشأن التقصير في مواجهة وباء كورونا، والانسحاب الفوضوي من أفغانستان الذي تم عام 2021، والتساهل في أمن الحدود الذي أدى الى تدفّق الآف اللاجئين الى الداخل الأميركي.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: