✒️ كتبت هيام عيد
مع الارتفاع الجنوني في سعر الدولار في السوق السوداء، ترتسم صورة قاتمة أمام اللبنانيين المنشغلين بمتابعة السجالات السياسية التي لا تقيم وزناً لكل ما يواجهه الشعب من تحديات أبرزها الجوع بعدما لامس سعر الدولار “الاسود” عتبة العشرة آلاف ليرة.
وإذا كان الاقفال العام هو السبب الاساسي وراء الشح في كميات الدولار المدعوم من مصرف لبنان في ظل توقف العمل في العديد من القطاعات ومنها القطاع المصرفي وشركات الصرافة الكبرى، فإن قطبة مخفية تشكل الدافع الرئيسي للارتفاع الملحوظ بسعر الدولار بالامس، وهي سياسية بالدرجة الاولى.
إن ما قام به مصرف لبنان المركزي منذ أشهر، قد سمح بمواصلة دعم الأدوية والقمح والمواد الأساسية، وذلك خلافاً لكل ما تردّد عن رفع هذا الدعم، وقد أدى الى تأخير ظهور الازمة الى اليوم ولكنه كان مشروطاً بالاسراع في المعالجات الاقتصادية والمالية، وهو ما لم يتحقق بل على العكس ازداد الخلاف السياسي المؤثر على مجمل الوضع المالي.
وقد قرأت أوساط مالية في الهندسة المعتمدة على هذا الصعيد من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مؤشراً على قدرة المصرف على العمل رغم تقلّص احتياطاته من العملة الصعبة، وذلك من أجل تحقيق استمرار الدعم للبنانيين من ضمن خريطة متكاملة وبعيداً عن كل المناكفات السياسية الجارية.
وبالتالي فإن ترشيد الدعم كان ضرورياً وقد جرى تخفيض حجم السلع المدعومة بنسبة تتجاوز السبعين في المئة، مع العلم أن ما تحقّق، ولو كان محدوداً مقارنة بالأزمة المالية الكارثية، لم يؤد الى النتائج المرجوة وذلك في ضوء استمرار النزف الحاصل كما يقول مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية والخبير المالي الدكتور سامي نادر ، والذي كشف عن أن 40 مليون دولار وهي قيمة دعم المحروقات يجري تهريبها الى الخارج وكذلك فإن ما بين 8و10 مليارات دولارا أميركياً تخرج من لبنان سنوياً على الرغم من تراجع الاستيراد.
والمعادلة وراء الارتفاع الجنوني في سعر الصرف تبقى أن كمية الدولارات التي ترد الى بيروت تراجعت ولكن الكمية التي تخرج ما زالت مرتفعة في ضوء تهريب الاموال الحاصل من خلال عدة سيناريوهات .
فالمواطن اللبناني يدفع اليوم من جيبه ومن ودائعه فقط كلفة الفساد والهدر وسرقة المال العام الذي حصل على مدى سنوات طويلة.
وأموال المودعين في المصارف هي ملكية خاصة يتابع الدكتور نادر، وهي ليست مسألة سيادية وبالتالي لا يمكن التصرف بها من أجل مواصلة الدعم.
ومن هنا فإن فترة الاقفال العام قد ساهمت في تخفيف الضغط على سعر الصرف ولكن مع الفتح التدريجي للبلاد فإن الدولار الاسود مرشح للارتفاع في الفترة المقبل وبكلمة واحدة يختم نادر بأن لبنان يتجه الى السيناريو الاسوأ.