مأزقُ الردّ الإيراني : انتحارٌ مُقبِل أم صفقةُ سلام بالنهاية؟ 

الثوري-الايراني

يُتابعُ المراقبون باهتمام كبير مآل التهديد الإيراني بالردّ على هجوم إسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق وترقّب حصول ردٍّ في خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة.

  • مأزق إيران بين الردّ وعَدَمِه

الحقيقة أن إيران أمام مأزقٍ في موضوع هذا الردّ ، إذ إن النظام الإيراني يدركُ تمام الإدراك أن أي ردٍّ انتقامي منه على إسرائيل قد يُشعل نيران جهنم عليه، أما عدم الردّ فقد يُسقط هيبة النظام ليس أمام المنطقة والعالم بل أمام تابعيه وحلفائه ووكلائه، من هنا اذا ردَّ النظام الإيراني على إسرائيل فإن الردَّ قد يستجرُّ مواجهةً مباشرةً مع تل أبيب قد تؤدي الى إنهاء النظام في طهران لا سيما وأن التخادم الإسرائيلي- اإيراني السابق كان محكوماً بمصالح انتفت حالياً الحاجةُ اليها، وأهمها تقاسمُ زعزعة أمن المنطقة العربية بينهما رغم استمرار العرّاب الأميركي في تدوير الزوايا بين إسرائيل وإيران انطلاقاً من مصالح واشنطن في الشرقين الأقصى والأوسط .

  • هل تتجرّعَ كأس السُمِّ المرّة باتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟ إذا ردّت إيران بالمباشر فهذا يعني انتحارها لأن مستوى الردّ الإسرائيلي على ردِّها سيكون أكبر بكثير من مستوى ردّ إسرائيل على وكلاء إيران الإقليميين، وبالتالي ستقعُ المواجهة المباشرة التي ﻻ تريدها إيران في هذه المرحلة من التفاوض مع الأميركيين في كواليس المنطقة لإبرام صفقات وتسويات وقبض أثمانٍ .
    المرشد الأعلى علي خامنئي أمام معضلةٍ سياسيةٍ قد تُعيدُ تكرار التاريخ معه عندما وافق الخميني على وقف إطلاق النار مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، معتبراً أنه ابتلعَ كأس السُمّ بالموافقة على اﻻعتراف بالعراق وبالهزيمة، فهل يتكرّرُ التاريخ بشرب الخامنئي كأس سُمّ وقف إطلاق النار مع إسرائيل والاعتراف بها وتوقيع اتفاقية سلام في نهاية المطاف معها من بوابة هذه المواجهة المباشرة إن وقعت؟
  • إيران بين ناري الردّ الإنتقامي وانحسار وجودها في المنطقة
  • الإيراني ذكيٌ في السياسة وقارىءٌ جيدٌ لمصالحه وأساليب الهروب من المواقف الضاغطة، لذا يبقى من الممكن جداً أن يأتي الإيراني الى كامب دايفيد جديد بعد المواجهة بتغيّر في النظام الإيراني، تماماً كما حصل مع المصريين بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر وتولّي الرئيس أنور السادات زِمام الحكم وذهابه الى توقيع سلام في كامب دايفيد، من هنا يمكن من مآلات المواجهة الإيرانية- الإسرائيلية هذه المرة أن تؤدي، اذا ما صمّمت طهران على المواجهة المباشرة، أن يوقّعَ النظام الإيراني صكَّ نهايته نتيجة تلك المواجهة مع إسرائيل، من ثمَّ تذهب إيران الى سلامٍ ووقف العداء مع الإسرائيلي وانكشاف الدور الإيراني التخادمي مع إسرائيل، عندها تصبح الميليشيات الإيرانية وعلى  رأسها حزب الله اللبناني في مهبّ الرياح، والذي ينتهي دوره أي دور حزب الله فوراً بتخلّي إيران عن المواجهة مع الإسرائيلي والتوصّل معها الى اتفاق سلام، لذلك فإن المواجهة هذه المرة لن تكون عرضية وعادية بل ستكون مصيريةً لإيران ونظام الملالي لأن أي ردِّ انتقامي إيراني سيجرُّ ردّاً إسرائيلياً أقوى وأعنف، ما سيؤدي الى إلحاق خسائر فادحة بإيران ستُرغمها على اﻻستسلام والجلوس الى طاولة المفاوضات واعترافٍ بإسرائيل، ما يعني إما تغيير في النظام الإيراني وإما إقفال باب وجود إيران في المنطقة للتوجّه الى شرق آسيا وجنوبها حيث مهمات جمّة تنتظرُ النظام الإيراني، وحيث الحاجة الأميركية لهذا النظام أهم وأقوى من الحاجة اليه في الشرق الأوسط.
  • جبهة الجنوب اللبناني مرشّحة لمزيدٍ من التوتّرات والمواجهات

إسرائيل تريد خروج إيران من المنطقة بدءاً من سوريا، ومن هنا التوقّعات بتصعيدٍ كبير في الوضع السوري خلال الأسابيع المقبلة، كما أن جبهة الجنوب اللبناني مرشّحةٌ للمزيد من التوتر والمواجهات، فهل يكون هجوم الأول من نيسان نقطة في الصراع الإسرائيلي- الإيراني الذي بقي حتى الآن تحت سقف التخادم والخطوط الحمر الأميركية المضبوطة؟ سؤالٌ يُطرَحُ هذه المرة بقوة لكن من دون أن نسقط من حساباتنا إمكانية لجوء النظام الإيراني في اللحظة الأخيرة الى الوكلاء والحلفاء الإقليميين والهروب من الانتحار المباشر …

  • هل تُسقط إسرائيل شعار “الصبر الاستراتيجي”؟

الأكيد أنه سواء ردّت إيران أم لم تردّ، فإن إسرائيل ستضربُ مجدّداً وستُصعّدُ في ضرباتها أكثر فأكثر ضد الوجود الإيراني في سوريا ولبنان وربما العراق والاحتمال وارد جداً … 
إذ إنه مع إسرائيل يسقطُ شعار “الصبر الاستراتيجي”، فإسرائيل ليست أميركا و على كتفها أحمالٌ كبيرة… ورئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو وحكومته الحالية المتطرّفة ضربت عُرض الحائط كل الثوابت والخطوط الحمر حتى مع حليف إسرائيل الأول “الأميركي”، وبالتالي لا صبر استراتيجياً مع إسرائيل اليمين المتطرّف المستنّفَر في حربٍ مفتوحة ضد الأعداء الإقليميين والداخليين جميعهم.

  • ماذا بعد زلزال الأول من نيسان؟

النظام الإيراني في مأزق كبير لأول مرة وهو مخيّرٌ بين انتحار كربلائي الطعم أو السقوط في صميم حسابات إسرائيل،  إذ إن ما حصلَ في أول نيسان الماضي كان زلزالاً سياسياً وجيو سياسياً كبيراً لطهران من شأنه تغيير قواعد اللعبة وقلب الحسابات السابقة رأساً على عقب، وبالتالي ما هو قادمٌ سيكون محمّلاً بالكثير من المفاجآت والتطورات الفريدة والمفاجئة مع ما سيستتبعه ذلك من نتائج وذيول ومفاعيل قد ﻻ تكون في حسبان أحد حالياً، وللحديث تتمةٌ …

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: