زار وزير الزراعة نزار هاني مدينة النبطية مع وفد من رؤساء المصالح والدوائر والخبراء في الوزارة، حيث كانت محطتهم الاولى في مصلحة الزراعة في النبطية، واستقبلهم رئيسها حسين السقا ورؤساء دوائر واقسام والموظفون.
والتقى هاني بمجموعة من المزارعين كانوا ضمن ندوة تنظم في المصلحة عن “إعادة تأهيل القطاع الزراعي ودعم المزارع”، وأثنى في كلمة “على جهود وصمود المزارعين في الجنوب وتشبثهم بالارض واصرارهم على الزراعة وتربية الماشية على الرغم مما خلفه العدوان الاسرائيلي من دمار وخسائر على الاصعدة كافة”.
وقال: “كل لبنان فيه مزارعون، وكلنا اولاد الجبال والقرى مزارعون، ونريد ان نستمر في الزراعة لهدفين: لان الزراعة هي الصمود وهي الارض وهي امننا الغذائي ، ونريد ان ننتج محاصيلنا الزراعية وطعامنا ومنتجاتنا على المستويات كافة، ان كانت خضارا او حبوبا او فواكه، او تربية الحيوانات، وكلنا يريد ان يكون البلد انطلق نحو مرحلة جديدة، وباتجاه جديد ومن خلال ذلك نتمكن من فتح بعض الاسواق التي كانت مقفلة نوعا ما علينا، على امل ان تفتح هذه الاسواق امام المزارع اللبناني”.
وأضاف: “اليوم هناك ازمة في العالم، ليس فقط لدينا ازمات، نعم لدينا معاهدات مع الدول المحيطة، واكيد كل دولة تسعى لحماية انتاجها كما نفعل نحن، وكما تابعتم هذا الاسبوع عملنا على انتاج محصول البطاطا، عمليا الاتفاق الموجود بيننا وبين مصر، ففي شباط واذار يسمح لنا باستيراد كامل ولا يوجد حدود لكمية الاستيراد، وعملنا تفاهم مع الوزير المصري لحماية الانتاج من منطقة عكار والذي انطلق منذ شهر”.
وتابع: “اجدد اعلاني، وبالعنوان العريض انني ومع كل فريق الوزارة ومع كل شركاء الوزارة هدفنا حماية المزارع، فالدولة اليوم غير قادرة على تقديم الكثير للمزارعين ولكن على الاقل نستطيع ان نحمي هذا الانتاج، ومن هنا نشد على ايدي المزارعين وممنوع التراجع وفي الموضوع الزراعي هي تحديات وصعوبات ومشاكل، ولكن لا مكان للتراجع، ستبقى الاراضي لكي نزرعها ولكي ننتج منها، وان نحافظ على الارضيات ولا نهملها مهما كانت العقبات”.
وقال: “اليوم هناك أساليب جديدة في الزراعة وربما علينا ان نبحث عن المزروعات التي لا تحتاج الى مياه كثيرا، فاليوم هناك دراسات وتقارير تشير الى ان لبنان ذاهب في هذا الاتجاه حتى العام 2050 حيث ستكون كميات المياه والامطار والثلوج بمعدلات متفاوتة بين عام وآخر، ولكن اذا راقبنا اخر عشرين عاما نلاحظ ان كميات المياه تخف، ولذا نكون مجبورين كمزارعين وبتوجيه من وزارة الزراعة ان نتكيف مع التغييرات المناخية”.
وأشار الى حجم الاضرار التي خلفها العدوان الاسرائيلي على القطاع الزراعي، وقال: “اجرينا مسحا شاملا يشمل كل الاضرار الزراعية، هناك اضرار زراعية مباشرة تتعلق بالبنية التحتية وبالخيام الزراعية وبشركات الري، وهناك الاضرار التي طالت الموسم الزراعي، فالمزارعون لم يصلوا الى حقولهم نتيجة العدوان، ولا الى المواشي، وحتى مربو النحل، والاضرار التي حصلت على مستوى الدواجن والصيد البحري، كل ذلك مأخوذ بعين الاعتبار، ولدينا النتائج الاولية للمسح الذي اجريناه، كما لدينا النتائج الخاصة بالقطاع الزراعي وتشمل اضرارا كبيرة للاسف ولكن تبقى اقل من الاضرار المتعلقة بالعمران وبالبنية التحتية. وسنضع كل جهودنا مع كل شركاء لبنان ومع كل المعنيين لكي نقدر نؤمن التعويضات للمزارعين”.
وأضاف: “هناك 80 زميلا وزميلة سيقومون بمسح الاضرار وتاكيد المعلومات التي سجلت لدينا، في كل المناطق ولكي نصدر النتائج النهائية والدقيقة، على امل ان نجد التمويل والدعم للتعويض على المزارعين”.
ولفت الى “ان الحجم الاولي لما خلفه العدوان الاسرائيلي على القطاع الزراعي في كل المناطق هو في حدود الـ 900 مليون دولار ، وهو رقم اولي وليس نهائيا، وهذه الاضرار تنقسم الى جزئين، الاول هو الاضرار التي اصابت البنية التحتية والجزء الاخر هو التعويض على المواسم التي خسرها المزارعون، في كل المناطق التي تعرضت للعدوان المباشر”.
وقال: “الوزارة تقوم باعداد كل الملفات ونأمل ان تكون التعويضات جزءا من ملف اعادة اعمار لبنان، لان هنا لدينا تعويضات كبيرة وهي اكبر من امكانيات وزارة الزراعة”.
وعن الاعتداءات التي يتعرض لها المزارعون في مناطق المجيدية والعباسية ورميش وسهل الخيام من قبل العدو، قال هاني: “يشكل وجود الجيش اللبناني في تلك المناطق عنصر امن وامان وسمعنا عن الاعتداء على مزارع في رميش من قبل مسيرة معادية، من هنا يبقى وجود الجيش اللبناني أساسي للعمل على سلامة الاهالي والمزارعين، ومن اجل عدم تعرض هؤلاء المزارعين والاهالي لاعتداءات، والجيش يعمل على تأمين المناطق وسلامة الاهالي، والقطاع الزراعي تتم عملية تأهيله على مرحلتين وهما عودة الاهالي الى اراضيهم ونزرع، وخصوصاً الزراعات الموسمية، والمرحلة الثانية وهي الاصعب والتي تتعلق باعادة تاهيل القطاع الزراعي”.
وأضاف: “لقد عبرت الحكومة عبر رئيسها سلام عن عملها على كافة المستويات لكي نحرر اراضينا ويخرج العدو من لبنان بشكل كامل ومن النقاط المتبقية. ونامل ان يتم ذلك قريبا. هناك جهود كبيرة وعلينا كجانب زراعي ان نكون الى جانب الاهالي والمزارعين ومربي المواشي من باب ان نعود وننتج زراعاتنا، لان الجنوب هو الاساس والجنوب هو الارض الطيبة وهي المنتج الاول لكل لبنان، وجزء من دور وزارة الزراعة هو اعادة دعم المزارعين ومساندتهم لكي نعيد انتاج المحاصيل الزراعية ولكي نحافظ على الامن الغذائي في الجنوب وفي كل لبنان”.
كما تحدث المزارع عقيل ياغي باسم المزارعين، داعيا وزارة الزراعة الى “دعم المزارعين في اسرع وقت”، شارحا الاضرار الكبيرة والقاسية التي تسبب بها العدوان الاسرائيلي في الحقول الزراعية الزيتون والخيم البلاستيكية وكل البنى التحتية للزراعة.
بعد ذلك، عقد هاني لقاء مع موظفي المصلحة، في حضور المهندس السقا، مثنيا على جهودهم في اعادة عمل المصلحة بشكل سريع بعد العدوان الاسرائيلي، مؤكدا ان “هدف الوزارة هو دعم المزارعين ومؤازرتهم بكل امكانياتها”.
بعد ذلك زار هاني والوفد المرافق محافظ النبطية هويدا الترك في مكتبها في السرايا الحكومية، والتي رحبت بالوزير هاني في النبطية “التي تحتاج الى دعمكم، فالنسبة الكبيرة من ابناء الجنوب يعتمدون على الزراعة، والزراعة اليوم منكوبة بفعل العدوان الاسرائيلي الذي تعرضت له”.
وأضافت الترك: “العدو دمر القطاع الزراعي وسرق اشجارا معمرة من زيتون وغيره، ولوث التربة بالقذائف الفوسفورية، ومن هنا يحتاج هذا القطاع الى عناية ورعاية والدعم المادي ولمساعدة خبراء في هذا المجال، كما ان المزارع الذي خسر عائلته وبيته وممتلكاته ومزروعات يحتاج الى الدعم المادي والمعنوي”.
وتوجهت الترك الى الوزير هاني: “نعوّل على الخبرات المميزة في وزارتكم لكي تساهم وتساعد في انقاذ الزراعة في الجنوب ونعرف تماما الكفاءات العالية الموجودة في وزارة الزراعة من مهندسين وخبراء وموظفين، وبالتالي نعرفك جيدا معالي الوزير، انت الناشط في المجالين البيئي والزراعي، ونعوّل عليكم في مساعدة ومساندة المزارعين في كل الجنوب لاسرع وقت ممكن”.
بدوره، الوزير هاني عبر عن سعادته لوجوده اليوم في النبطية، ملتقيا ومستمعا للعديد من المزارعين الابطال، الذين صمدوا في ارضهم وسيعيدونها تنتج بالمحاصيل، لافتا الى “السجل الزراعي الذي اعدته الوزارة”، وقال: “لدينا اليوم 50 ألف مزارع مسجلين فيه ونسعى لايصال العدد إلى 130 الف مزارع لكي نستطيع ان تكون لدينا احصاءات دقيقة في عملنا في حال حصول اي دعم او متابعة للمزارعين في المناطق”.