جورج أبو صعب : الاستقلال الحقيقي في تحرّر بعض النفوس من التبَعية للخارج

georges-abou-saab-1080x754

في حديث خاص لموقع lebtalks بمناسبة عيد الاستقلال، أعتبر الكاتب والمحلّل الجيو سياسي جورج أبو صعب أن مفهوم الاستقلال لايقتصر على تحرّر الأوطان، بل يشمل وبصورة أخص تحرّر النفوس من منطق التبعية للخارج، وعدم الإقرار بنهائية الوطن والكيان اللبناني الدستوري والجغرافي والمؤسساتي .
أبو صعب إعتبر أيضاً أن المهم ليس في نيل لبنان الاستقلال في لحظة تاريخية معينة باتفاق مسيحي- إسلامي، إنما الأهم كيفية الحفاظ على هذا الاستقلال بصورة مستدامة، ما يتطّلب من كل اللبنانيين أن يؤمنوا بأن لبنان أولاً هو الهدف والبوصلة والغاية والسبيل للحفاظ على الاستقلال .

عندما وضع الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح لُبنة “لبنان الاستقلال” الأولى كان المبدأ واضحاً وفق معادلة “لا للشرق ولا للغرب”، وعندها التزم اللبنانيون بهذه المعادلة وقامت صيغة ال١٩٤٣،
أما اليوم، يتابع أبو صعب، ومنذ العام ٢٠٠٥ على الأقل، هناك شريحة لبنانية لا تعترف بهذا المبدأ وتريد إلحاقنا مجدّداً بمحاور الإقليم والتبعية لدول محيطة، الأمر الذي لا يستقيم معه أي استقلال، فمَن يصنع الاستقلال كما يقول العلّامة الدستوري الفرنسي الشهير جورج بوردو، هو قبل كل شيء الرغبة بالعيش معاً، ما يفترّض على كل اللبنانيين أن يتجاوبوا مع متطّلبات العيش معاً، أي قبول الآخر ووجوده والقبول بحقه المتساوي في تقرير مصيره وحربه وسلمه، لأن التجارب اللبنانية أثبتت على مرّ السنوات أن لا أحد يستطيع الاستمرار في قهره للآخر والتعالي والسيطرة بالقوة المادية عليه .

من هنا، يستطرد أبو صعب بالقول إن الاستقلال الحقيقي يكون حين يعترف حزب الله ليس بالقول بل بالفعل بأن لبنان هو الوطن النهائي له لا الساحة، وأن المشروع اللبناني هو مشروعه لا المشروع الإيراني في المنطقة، وأن دوره هو في تقوية لبنان الدولة والمؤسسات والدستور بدءاً من تسليم سلاحه للجيش الذي يقوى به، وصولاً الى الانخراط ليس في المؤسسات الدستورية كما قد يقول قائل بل في منطق الدولة ووحدة السلاح والمناطق ومبدأ تساوي جميع المواطنين أمام القانون والواجبات العامة والحقوق في المواطنة .

عندها وعندها فقط يكون الاستقلال اللبناني الحقيقي، فكلٌ على دينه وإيمانه ومعتقده، لكن إذا كان الدين لكل إنسان، فالوطن للجميع وهو لا يقوى ولا ينمو ولا يتطور ولا يزدهر إلا بتضامن جميع أبنائه، وعدا ذلك سيبقى الاستقلال ذكرى سنوية “بائسة” نستذكرها بأسى وتحسّرٍ لأن لبنان اليوم غير مستقلٍ أول حرّ أو سيادي…

وختم أبو صعب بمعايدة جميع اللبنانيين بيوم الاستقلال متمنياً أن لا تكون المرحلة المقبلة على لبنان بالسوء الذي يُتوقّع أن يشهده مع دول أخرى في المنطقة 

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: