في 22 تشرين الثاني من كل عام نعيش ذكرى الاستقلال ليوم واحد، نعود الى ذلك التاريخ من العام 1943 حين بدا لبنان مستقلاً ضمن حدود معترف بها دولياً، لكن وعلى مّر الازمان عانى اللبنانيون من مواجهة المتربصين بوطنهم ومن الطامعين فيه، ما جعل هذا اليوم يتراجع ليصبح وهماً في ظل حروب الاخرين على ارضه، ومن خلال الاحتلالات التي عاشها.
ثمانون عاماً من عمر الاستقلال المزيف، حيث إمتدت عقود زمنية لم تتخللها صفحات من الاستقرار، لا بل من الخوف والقلق على المصير، فبعد كل الحقبات والمحطات التي عايشها لبنان وشعبه لم نشعر في اي يوم ان بلدنا مستقل، اذ وبعد مضيّ كل تلك السنوات ما زال التحكّم بلبنان قائماً من قبل قوى خارجية تنهش بالوطن وبأبنائه، وهذه القوى تمثلت بالاحتلالين السوري والاسرائيلي، ووصاية قوى اقليمية وأوامر سفراء يطّلعون على كل شاردة وواردة، في حين ان ركائز الاستقلال تبدأ بالتحرّر من كل انواع الانتداب والوصاية والاحتلال، وتاريخ لبنان شاهد على كل هذا نظراً للحروب التي إفتعلتها القوى الخارجية على ارضه تحت عنوان “الحرب الاهلية”، فيما كانت في الحقيقة حروب الاخرين على ارضنا، وإستعمال هذه الارض كساحة تصفية دفع ثمنها لبنان وشعبه.
للاسف لم نعش الاستقلال في لبنان في أي فترة، خصوصاً منذ العام 1948 بعد دخول اللاجئين الفلسطينيين، بحيث كان لهم جناح عسكري عبث بأمن لبنان على فترة عقود، بعدها كانت ثورة 1958 التي ادت الى انقسام كبير في البلاد بفعل التدخلات الخارجية ، وكالعادة إنقسم اللبنانيون ما بين تيار مؤيد للجمهورية العربية المتحدة، اي وحدة مصر وسوريا بقيادة جمال عبد الناصر، وتيار مؤيد لحياد لبنان بدعم غربي وبتحالف مع العرب المعتدلين.
اما الحرب الابرز فكانت في العام 1975 التي انتجت احتلالاً سورياً لثلاثين عاماً، انتهت بإنسحاب الجيش السوري في نيسان من العام 2005، من دون ان ننسى اعتداءات اسرائيل وحروبها على لبنان لغاية اليوم، مروراً بإحتلالها في العام 1982 الذي حوّل اراضي لبنان الى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية والجيش الاسرائيلي، ونتج عن ذلك احتلال للجنوب في حزيران من العام نفسه، دام حتى الـ2000، ما يؤكد أن لبنان لم يكن في اي حقبة صاحب القرار، بل كان ارضاً مستباحة للكل تدفع دائماً ثمن اخطاء الغير وتتحمل نتائجها.
ومنذ سنوات نشهد حكم الدويلة للدولة، وإستباحة قرار الحرب والسلم من دون ان ترّف جفون المسؤولين، في ظل غياب المؤسسات وتوالي الانهيارات، فلا رئيس للجمهورية وموقعه دخل في الفراغ للعام الثاني، والفراغات الى إزدياد، ما يجعل المشهد الميثاقي الوطني منتقصاً، في بلد سجين تستباح ارضه من اجل مصالح دول تستعمل بعض ابنائه كوقود.
حقاً انها غصّة كبيرة في القلب في هذا اليوم…
