“فرنسا ماكرون” فقدت نفوذها الدبلوماسي في الشرق الاوسط

WhatsApp-Image-2023-11-29-at-2.55.00-PM-1

المحرر الدبلوماسي

على الرغم من أن العديد من الرهائن المحتجزين لدى “حماس” من حملة الجنسية الفرنسية، غير أن المفاوضات بين حماس وإسرائيل مكّنت من الإفراج على رهائن من عدة جنسيات (أميركية، روسية، تايلاندية ..)، دون أن يكون من بينهم فرنسيون لا في الدفعة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، وهو ما بدأ يرمي بثقله على باريس وما إن كان ذلك مؤشّر على قطعها شعرة تأثير دبلوماسيتها في المنطقة.
فغداة بدء عملية “طوفان الاقصى”، وما لحقها من حرب وحشية ضد غزة وإعلان باريس دعمها “اللامشروط” لما أسمته حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، راسل 10 من سفراء فرنسا في منطقة الشرق الأوسط، قصر الإليزيه ينذرون فيه بأن افتقاد الموقف الفرنسي “توازنه” السياسي والدبلوماسي من الصراع العربي الإسرائيلي، سيضرّ بالمصالح الفرنسية في المنطقة، وستكون له تداعيات مستقبلا.
لكن ذلك التحذير يبدو أنه لم يلقَ آذاناً صاغية، ومرّ على مصالح حكومة كاترين كولونا مرور الكرام، بحيث قدمت هي الأخرى بمعية رئيسة البرلمان الفرنسي دعمها اللامشروط لحكومة نتانياهو في حربها على غزة، ولم تذكّر الأخير حتى بضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
ولم تكتف باريس فحسب بهذا الإنحياز في موقفها إزاء الوضع في غزة، بل عملت على حظر المسيرات المساندة للقضية الفلسطينية على أراضيها من قبل وزارة الداخلية، وانحازت وسائل إعلامها العمومية والخاصة بشكل مفضوح إلى جانب الرواية الإسرائيلية دون تمكين الطرف الفلسطيني من ذلك، بل طردت الناشطة الفلسطينية، مريم أبو دقة، من التراب الفرنسي رغم دخولها بطريقة قانونية، بحجة أنها تنتمي إلى الجبهة الشعبية المصنّفة من قبل الاتحاد الأوروبي “إرهابية”.
وقد ترك هذا السلوك الفرنسي غير المسبوق، بعدما ظلت باريس تحافظ على شعرة علاقاتها بنفس المسافة مع مختلف الأطراف إزاء أزمة الشرق الأوسط، صدمة ليس لدى الفلسطينيين فحسب، بل على مستوى دول المنطقة، جراء اصطفاف فرنسا وراء الموقف الأميركي وسعت حتى للمزايدة عليه.
وعندما تعلن حركة حماس الإفراج عن أحد المحتجزين من حملة الجنسية الروسية، بأنه جاء استجابة لطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتقديرا للموقف الروسي الداعم للقضية الفلسطينية، ففي ذلك رسالة واضحة بأن المفاوضات بشأن إطلاق سراح المحتجزين من الجنسيات غير الإسرائيلية، يتم بصورة مدروسة وليس عشوائية. فحتى الساعة، عجزت باريس عن إطلاق أي من مواطنيها، على الرغم من أن الكثير من المحتجزين لهم جنسية فرنسية، فهو مؤشر أن فرنسا فقدت قنوات الاتصال الفعالة في المنطقة وتراجع تأثيرها ومصداقيتها ووزنها في المنطقة، وهي التي كانت تربطها علاقات تاريخية وتملك عدة مفاتيح بالمنطقة.
ومع استمرار المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن والاسرى بين حماس واسرائيل، بوساطة قطرية ومصرية، فإن فرنسا ظهرت في هذه المحطة المهمة بالنسبة للرأي العام الفرنسي، الغائب الأكبر ولا ثقل لها في كفة الميزان، وهو ما آثار حالة من القلق لدى ساسة باريس حول هذا التراجع غير المسبوق للدبلوماسية الفرنسية بعد ما وقع قبله في إفريقيا وفي طريقه ليتكرر في الشرق الأوسط.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: